السحر الأسود

كثر الحديث عن سامية لأنها لم تحمل بعد أن مر على زواجها من محمد أكثر من ثلاث سنوات، وأم محمد تطلب من ابنها ان يذهبا إلى الطبيب للكشف عن سبب تأخر الحمل.
وفي كل مرة تسأله أمه يجيبها: حاضر، لا تقلقي، سيكون الحمل في الوقت المناسب.
وفي المقابل كانت أم سامية قلقة على ابنتها، وتخشى من عواقب تأخر الحمل. وفي إحدى الأمسيات كانت قريبتها تتحدث عن السحر والحسد وأن زوجات لم يحملن بسبب السحر، خاصة إذا كانت هناك فتاة أخرى في حياة الرجل.
بقي هذا الحديث يدور في رأس أم سامية إلى ان قررت الذهاب إلى أحد الرجال الذين يدعون فك السحر، وقد أرشدتها إليه قريبتها، وروت له قصة ابنتها. طلب منها ان تحضر له قطعة من ملابس سامية وقطعة من ملابس زوجها.
توجهت إلى ابنتها وأقنعتها ان رجلا يمكن ان يفك السحر المربوط لها كي تتمكن من الحمل. لم تصدق سامية حديث والدتها، وقالت:
أمي نحن في زمن العلم والطب الحديث، والأطباء لم يتركوا للشعوذة طريقاً، ومن يتجه إلى هؤلاء المشعوذين يخسر أمواله دون جدوى.
لكن الأم مقتنعة ان سبب عدم الحمل يعود إلى ان أحدا أعد لابنتها سحرا حتى لا تحمل، وبالتالي يؤدي ذلك إلى الطلاق، ومن ثم يتزوج زوجها الفتاة التي يحبها قبل خطبة ابنتها.
لم تصدق سامية حديث أمها وكيف فسرت الأمور، وركبت القصة وكأنه سيناريو لفيلم هندي. وقالت لأمها: أنا ومحمد نحب بعضنا البعض كثيرا، ولم نهتم بهذا الموضوع، وعندما نقرر الحاجة إلى الإنجاب سنذهب إلى الطبيب لإجراء الكشوفات اللازمة.
تمكنت الأم من أخذ جوارب من خزانة ابنتها وربطة عنق لمحمد، وتوجهت إلى المشعوذ دون علم سامية.
وضع المشعوذ الجوارب وربطة العنق في كيس بلاستيكي اسود، وقال لأم سامية: أغمضي عينيك، خافت من أن يطرأ عليها أي مكروه، وقالت: لا.. سأغادر، وأنت فك السحر بطريقتك.
ـ قبل ان تغادري عليك دفع مبلغ 2000 درهم، وفي يوم الجمعة وبعد صلاة العصر ستأتين لأعطيك شراباً خاصاً يجب أن تشربه ابنتك بعد صلاة الفجر لمدة أسبوع.
دفعت المبلغ وغادرت، على ان تعود في الموعد المحدد. توجهت أم سامية إلى قريبتها التي أشارت عليها بالذهاب إلى هذا المشعوذ، وأخبرتها بما جرى. فقالت لها: ألفا درهم فداء لسامية، وإن شاء الله تحمل (توأم) بعد فك السحر.
بعد صلاة العصر من يوم الجمعة كانت أم سامية على موعدها، لكن الرجل فاجأها بأن طلب منها ثلاثة آلاف درهم أخرى، لأن المواد التي سيحضرها سوف يجلبها من الصين. ترددت واتصلت بقريبتها وقالت لها إن الرجل طلب مبلغا إضافيا، فكان ردها: ادفعي ولا تترددي فداء لسامية، المهم أن يُزال السحر عنها.
دفعت له المبلغ على أمل ان تحصل في الأسبوع المقبل على الشراب الموعود. لكن في اللقاء التالي كانت المفاجأة أكبر، إذ أخرج المشعوذ جراب ابنتها الأبيض وقد أصبح لونه أسود، وقال لها: انظري، ابنتك مربوطة بالسحر الأسود، وهذا مكلف جدا، وعليك دفع خمسة آلاف درهم. نظرت إليه وأحست بأن السحر قد لف غشاوة على عينيها، وسألته: أحضرت لك الجراب أبيض اللون كيف أصبح أسود؟
ـ قلت لك إنها مربوطة بسحر أسود.
ـ سأعود غداً لأنني لا أحمل هذا المبلغ.
عند المساء ترددت في إبلاغ والد سامية عما تفعله مع هذا المشعوذ، لكنها بحاجة إلى المبلغ وستطلبه من زوجها.
ـ أريد منك خمسة آلاف درهم؟
ـ خير ان شاء الله هل ستشتري ذهباً أم ماذا؟
تلعثمت قليلًا، ثم أجابته بالحقيقة، وشرحت له كل ما جرى معها .
ـ وهل تعلم سامية بما فعلت؟
ـ لا.. لا .. لا تعلم.
ـ انت ارتكبت خطأ كبيرا، كيف تأخذين أغراضا من منزل ابنتك دون علمها؟ وإذا طلب زوجها ربطة عنقه أين يجدها؟
ـ قريبتي أكدت لي ان الرجل يفك السحر، وأنا أخاف على ابنتي وأفديها بمالي وروحي.
ـ إذا كانت قريبتك على خطأ فهل تسيري في طريق الخطأ؟ سأتصل بالشرطة وهم يتابعون الموضوع، لكن عديني ألا تعودي إلى مثل هذه الأفعال دون استشارتي.
ألقت الشرطة القبض عليه، وبعد تفتيش منزله عثر على ربطة العنق والجراب، وأسندت له تهمة النصب والاحتيال.
أخبر والد سامية القصة لابنته وماذا فعلت والدتها، طالباً منها ان تقدم الاعتذار لزوجها عن أخذ ربطة العنق دون معرفته.
ضحكت سامية وقالت له: أبشركم أنني حامل.