العودة   منتديات الديوان الشامل لعلوم الفلك والتنجيم00201147228058 > القرأن والحديث > ديوان القران الكريم > ديوان تفسير القران الكريم على مر العثور > ديوان تفسير ابن كثير


القيامة

ديوان تفسير ابن كثير


 
المنتدى المشاركات الجديدة ردود اليوم شاهدة المشاركات المشاركة التالية
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 03-25-2017, 08:21 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المدير العام

الصورة الرمزية الشيخ طاووس اسطوره الاساطير

إحصائية العضو






الشيخ طاووس اسطوره الاساطير غير متواجد حالياً

 


افتراضي القيامة

القيامة

{1} لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
قَدْ تَقَدَّمَ غَيْر مَرَّة أَنَّ الْمُقْسَم عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُنْتَفِيًا جَازَ الْإِتْيَان بِلَا قَبْل الْقَسَم لِتَأْكِيدِ النَّفْي وَالْمُقْسَم عَلَيْهِ هَهُنَا هُوَ إِثْبَات الْمَعَاد وَالرَّدّ عَلَى مَا يَزْعُمهُ الْجَهَلَة مِنْ الْعِبَاد وَمِنْ عَدَم بَعْث الْأَجْسَاد وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَا أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة " قَالَ الْحَسَن أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة وَلَمْ يُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة وَقَالَ قَتَادَة بَلْ أَقْسَمَ بِهِمَا جَمِيعًا هَكَذَا حَكَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَدْ حَكَى اِبْن جَرِير عَنْ الْحَسَن وَالْأَعْرَج أَنَّهُمَا قَرَآ " لَأُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة" وَهَذَا يُوَجِّه قَوْل الْحَسَن لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْقَسَم بِيَوْمِ الْقِيَامَة وَنَفَى الْقَسَم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة وَالصَّحِيح أَنَّهُ أَقْسَمَ بِهِمَا جَمِيعًا مَعًا كَمَا قَالَهُ قَتَادَة رَحِمَهُ اللَّه وَهُوَ الْمَرْوِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير فَأَمَّا يَوْم الْقِيَامَة فَمَعْرُوف وَأَمَّا النَّفْس اللَّوَّامَة فَقَالَ قُرَّة بْن خَالِد عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة إِنَّ الْمُؤْمِن وَاَللَّه مَا نَرَاهُ إِلَّا يَلُوم نَفْسه : مَا أَرَدْت بِكَلِمَتِي مَا أَرَدْت بِأَكْلَتِي مَا أَرَدْت بِحَدِيثِ نَفْسِي . وَإِنَّ الْفَاجِر يَمْضِي قُدُمًا مَا يُعَاتِب نَفْسه .

{2} وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
وَقَالَ جُوَيْبِر بَلَغَنَا عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله " وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة " قَالَ لَيْسَ أَحَد مِنْ أَهْل السَّمَوَات وَالْأَرَضِينَ إِلَّا يَلُوم نَفْسه يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح بْن مُسْلِم عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ سِمَاك أَنَّهُ سَأَلَ عِكْرِمَة عَنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة" قَالَ يَلُوم عَلَى الْخَيْر وَالشَّرّ لَوْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ وَكِيع عَنْ إِسْرَائِيل بِهِ . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله " وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة " قَالَ تَلُوم عَلَى الْخَيْر وَالشَّرّ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ سَعِيد أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ النَّفْس اللَّئُوم وَقَالَ عَلِيّ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد تَنْدَم عَلَى مَا فَاتَ وَتَلُوم عَلَيْهِ وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس اللَّوَّامَة الْمَذْمُومَة وَقَالَ قَتَادَة" اللَّوَّامَة " الْفَاجِرَة قَالَ اِبْن جَرِير وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى الْأَشْبَه بِظَاهِرِ التَّنْزِيل أَنَّهَا الَّتِي تَلُوم صَاحِبهَا عَلَى الْخَيْر وَالشَّرّ وَتَنْدَم عَلَى مَا فَاتَ .

{3} أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ
أَيْ يَوْم الْقِيَامَة أَيَظُنُّ أَنَّا لَا نَقْدِر عَلَى إِعَادَة عِظَامه وَجَمْعهَا مِنْ أَمَاكِنهَا الْمُتَفَرِّقَة .

{4} بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ
قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَالْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنْ نَجْعَلهُ خُفًّا أَوْ حَافِرًا وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَابْن جَرِير وَوَجَّهَهُ اِبْن جَرِير بِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَجَعَلَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالظَّاهِر مِنْ الْآيَة أَنَّ قَوْله تَعَالَى " قَادِرِينَ " حَال مِنْ قَوْله تَعَالَى " نَجْمَع" أَيْ أَيَظُنُّ الْإِنْسَان أَنَّا لَا نَجْمَع عِظَامه ؟ بَلَى سَنَجْمَعُهَا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانه أَيْ قُدْرَتنَا صَالِحَة لِجَمْعِهَا وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَاهُ أَزْيَد مِمَّا كَانَ فَتُجْعَل بَنَانه وَهِيَ أَطْرَاف أَصَابِعه مُسْتَوِيَة وَهَذَا مَعْنَى قَوْل اِبْن قُتَيْبَة وَالزَّجَّاج .

{5} بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
قَالَ سَعِيد عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي يَمْضِي قُدُمًا وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس" لِيَفْجُر أَمَامه " يَعْنِي الْأَمَل يَقُول الْإِنْسَان أَعْمَل ثُمَّ أَتُوب قَبْل يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال هُوَ الْكُفْر بِالْحَقِّ بَيْن يَدَيْ الْقِيَامَة . وَقَالَ مُجَاهِد " لِيَفْجُر أَمَامه " لِيَمْضِيَ أَمَامه رَاكِبًا رَأْسه . وَقَالَ الْحَسَن لَا يَلْقَى اِبْن آدَم إِلَّا تَنْزِع نَفْسه إِلَى مَعْصِيَة اللَّه قُدُمًا قُدُمًا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّه تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف هُوَ الَّذِي يُعَجِّل الذُّنُوب وَيُسَوِّف التَّوْبَة وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس هُوَ الْكَافِر يُكَذِّب بِيَوْمِ الْحِسَاب .

{6} يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
أَيْ يَقُول مَتَى يَكُون يَوْم الْقِيَامَة وَإِنَّمَا سُؤَاله سُؤَال اِسْتِبْعَاد لِوُقُوعِهِ وَتَكْذِيب لِوُجُودِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعَاد يَوْم لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَة وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ " .

{7} فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ
قَرَأَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء بَرِقَ بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ حَالَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ شَبِيه بِقَوْلِهِ تَعَالَى " لَا يَرْتَدّ إِلَيْهِمْ طَرْفهمْ " أَيْ بَلْ يَنْظُرُونَ مِنْ الْفَزَع هَكَذَا وَهَكَذَا لَا يَسْتَقِرّ لَهُمْ بَصَر عَلَى شَيْء مِنْ شِدَّة الرُّعْب وَقَرَأَ آخَرُونَ بَرَقَ بِالْفَتْحِ وَهُوَ قَرِيب فِي الْمَعْنَى مِنْ الْأَوَّل . وَالْمَقْصُود أَنَّ الْأَبْصَار تَنْبَهِر يَوْم الْقِيَامَة وَتَخْشَع وَتَحَار وَتَذِلّ مِنْ شِدَّة الْأَهْوَال وَمِنْ عِظَم مَا تُشَاهِدهُ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْأُمُور.

{8} وَخَسَفَ الْقَمَرُ
أَيْ ذَهَبَ ضَوْءُهُ .

{9} وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
قَالَ مُجَاهِد كُوِّرَا وَقَرَأَ اِبْن زَيْد عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ " وَرُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَ " وَجُمِعَ بَيْن الشَّمْس وَالْقَمَر " .

{10} يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ
أَيْ إِذَا عَايَنَ اِبْن آدَم هَذِهِ الْأَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة حِينَئِذٍ يُرِيد أَنْ يَفِرّ وَيَقُول أَيْنَ الْمَفَرّ أَيْ هَلْ مِنْ مَلْجَإٍ أَوْ مَوْئِل.

{11} كَلَّا لَا وَزَرَ
قَالَ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَيْ لَا نَجَاة وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأ يَوْمئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِير " أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مَكَان تَتَنَكَّرُونَ فِيهِ وَكَذَا قَالَ هَهُنَا " لَا وَزَرَ " أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مَكَان تَعْتَصِمُونَ فِيهِ .

{12} إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ
أَيْ الْمَرْجِع وَالْمَصِير.

{13} يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
أَيْ يُخْبَر بِجَمِيعِ أَعْمَاله قَدِيمهَا وَحَدِيثهَا أَوَّلهَا وَآخِرهَا صَغِيرهَا وَكَبِيرهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِم رَبّك أَحَدًا " .

{14} بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
" بَلْ الْإِنْسَان عَلَى نَفْسه بَصِيرَة وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره " أَيْ هُوَ شَهِيد عَلَى نَفْسه عَالِم بِمَا فَعَلَهُ وَلَوْ اِعْتَذَرَ وَأَنْكَرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " اِقْرَأْ كِتَابك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حَسِيبًا" وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " بَلْ الْإِنْسَان عَلَى نَفْسه بَصِيرَة " يَقُول سَمْعه وَبَصَره وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَجَوَارِحه وَقَالَ قَتَادَة شَاهِد عَلَى نَفْسه وَفِي رِوَايَة قَالَ إِذَا شِئْت وَاَللَّه رَأَيْته بَصِيرًا بِعُيُوبِ النَّاس وَذُنُوبهمْ غَافِلًا عَنْ ذُنُوبه وَكَانَ يُقَال إِنَّ فِي الْإِنْجِيل مَكْتُوبًا يَا اِبْن آدَم تُبْصِر الْقَذَاة فِي عَيْن أَخِيك وَتَتْرُك الْجَذَع فِي عَيْنك لَا تُبْصِرهُ ؟ .

{15} وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ
وَقَالَ مُجَاهِد " وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره" وَلَوْ جَادَلَ عَنْهَا فَهُوَ بَصِير عَلَيْهَا وَقَالَ قَتَادَة" وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره " وَلَوْ اِعْتَذَرَ يَوْمئِذٍ بِبَاطِلٍ لَا يُقْبَل مِنْهُ وَقَالَ السُّدِّيّ " وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره" حُجَّته وَكَذَا قَالَ اِبْن زَيْد وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْرهمْ وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ قَتَادَة عَنْ زُرَارَةَ عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره " يَقُول لَوْ أَلْقَى بُهْتَانه وَقَالَ الضَّحَّاك وَلَوْ أَلْقَى سُتُوره وَأَهْل الْيَمَن يُسَمُّونَ السِّتْر الْعِذَار وَالصَّحِيح قَوْل مُجَاهِد وَأَصْحَابه كَقَوْلِهِ تَعَالَى " ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتهمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " يَوْم يَبْعَثهُمْ اللَّه جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ الْكَاذِبُونَ " وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره " هِيَ الِاعْتِذَار أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ قَالَ " لَا يَنْفَع الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتهمْ " وَقَالَ " وَأَلْقُوا إِلَى اللَّه يَوْمئِذٍ السَّلَم مَا كُنَّا نَعْمَل مِنْ سُوء " وَقَوْلهمْ " وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " .

{16} لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
هَذَا تَعْلِيم مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَيْفِيَّة تَلَقِّيه الْوَحْي مِنْ الْمَلَك فَإِنَّهُ كَانَ يُبَادِر إِلَى أَخْذه وَيُسَابِق الْمَلَك فِي قِرَاءَته فَأَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِذَا جَاءَهُ الْمَلَك بِالْوَحْيِ أَنْ يَسْتَمِع لَهُ وَتَكَفَّلَ اللَّه لَهُ أَنْ يَجْمَعهُ فِي صَدْره وَأَنْ يُيَسِّرهُ لِأَدَائِهِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَلْقَاهُ إِلَيْهِ وَأَنْ يُبَيِّنهُ لَهُ وَيُفَسِّرهُ وَيُوَضِّحهُ فَالْحَالَة الْأُولَى جَمْعه فِي صَدْره وَالثَّانِيَة تِلَاوَته وَالثَّالِثَة تَفْسِيره وَإِيضَاح مَعْنَاهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ " أَيْ بِالْقُرْآنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وَحْيه وَقُلْ رَبّ زِدْنِي عِلْمًا " .

{17} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
أَيْ فِي صَدْرك وَقُرْآنه أَيْ أَنْ تَقْرَأهُ .

{18} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
" فَإِذَا قَرَأْنَاهُ " أَيْ إِذَا تَلَاهُ عَلَيْك الْمَلَك عَنْ اللَّه تَعَالَى " فَاتَّبِعْ قُرْآنه " أَيْ فَاسْتَمِعْ لَهُ ثُمَّ اِقْرَأْهُ كَمَا أَقْرَأَك .

{19} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
أَيْ بَعْد حِفْظه وَتِلَاوَته نُبَيِّنهُ لَك وَنُوَضِّحهُ وَنُلْهِمك مَعْنَاهُ عَلَى مَا أَرَدْنَا وَشَرَعْنَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي عَوَانَة عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِج مِنْ التَّنْزِيل شِدَّة فَكَانَ يُحَرِّك شَفَتَيْهِ قَالَ فَقَالَ لِي اِبْن عَبَّاس أَنَا أُحَرِّك شَفَتَيَّ كَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّك شَفَتَيْهِ وَقَالَ لِي سَيَعُدُّ وَأَنَا أُحَرِّك شَفَتَيَّ كَمَا رَأَيْت اِبْن عَبَّاس يُحَرِّك شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه وَقُرْآنه " قَالَ جَمْعه فِي صَدْرك ثُمَّ تَقْرَأهُ " فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنه " أَيْ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ " ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانه " فَكَانَ بَعْد ذَلِكَ إِذَا اِنْطَلَقَ جِبْرِيل قَرَأَهُ كَمَا أَقْرَأهُ . وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة بِهِ وَلَفْظ الْبُخَارِيّ فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيل أَطْرَقَ فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْي يَلْقَى مِنْهُ شِدَّة وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ عُرِفَ فِي تَحْرِيكه شَفَتَيْهِ يَتَلَقَّى أَوَّله وَيُحَرِّك بِهِ شَفَتَيْهِ خَشْيَة أَنْ يَنْسَى أَوَّله قَبْل أَنْ يَفْرُغ مِنْ آخِره فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ" وَهَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَغَيْر وَاحِد إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس" لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ " قَالَ كَانَ لَا يَفْتُر مِنْ الْقِرَاءَة مَخَافَة أَنْ يَنْسَاهُ فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه " أَنْ نَجْمَعهُ لَك " وَقُرْآنه " أَنْ نُقْرِئك فَلَا تَنْسَى وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ " ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانه" تَبْيِين حَلَاله وَحَرَامه وَكَذَا قَالَ قَتَادَة .







رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


IPTEGY.COM® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Powered By iptegy.com.
جميـــــــــع الحقوق محفوظه منتديات الديوان الشامل 00201147228058
Flag Counter