الموضوع: حقيقة التصوف
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-10-2016, 10:12 PM
المشرفين
غير متواجد
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 921
 تاريخ التسجيل : Mar 2016
 المشاركات : 615 [ + ]
 التقييم : 45
 معدل التقييم : صالح الفطناسي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
حقيقة التصوف




بسم الله الرّحمان الرّحيم
والصّلاة والسّلام على النبيّ الأسعد الكريم
وعلى آله وصحابته الأفاضل الميامين


إن حقيقة التصوف أنه روح الشريعة الإسلامية ومعناها وقلبها وهو أي التصوف من ناحية رسم المنهج والسلوك فيه علم كسائر العلوم له مقدمات ونتائج ،وهو باعتبار معايشته والتفاعل معه ذوق ووجدان ، وهو من ناحية إعطاء كل من ينتمي إليه الدواء المناسب له من قبل الشيخ العارف بأدواء القلوب ، فن وحكمة فهو علم وذوق وفن . وهذه الثلاث هي مقومات الحياة الأبدية السعيدة وهو مقام الإحسان الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
وهو التخلق بالصفات الحميدة التي جاءت في الكتاب والسنة ، وأمر بها الشرع الشريف والتخلي عن كل الصفات الذميمة التي نهى عنها ا
لشرع الحنيف .
ومن جملة الصفات الحميدة : التوبة .. الخشية ، المحبة ، الخشوع ، التواضع ، الحضور ، الشكر ، الفكر ... إلخ .ومــــن الصفات الذميمة التي يتخلص منها السالك من خلال التصوف : الكبر ، العجب ، الرياء ، الحسد ، الحقد ، .. إلخ
ولتقريب هذا العلم وحقيقته من الأذهان نقول : إن الله أمر بالصلاة فقال : " وأقيموا الصلاة " .فإذا أردنا الصلاة نذهب إلى الفقهاء فنتعلم منهم أن للصلاة شروطاً وأركاناً وواجبات ، كالطهارة من الحدثين واستقبال القبلة ... إلخ . هذا العلم يسمى " الفقه " .
ولكن الله عز وجل يقول أيضاً " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " فالخشوع أيضاً مطلوب في الصلاة كما إقامة الصلاة ، ولكننا لو فتشنا وبحثنا في كتب الفقه فلن نجد لكيفية الخشوع أو لتحصيله جواباً .غير أن هناك علماً خاصاً مستقلاً كالفقه تماماً يعني بفقه القلوب فيبين السبيل الموصلة إلى الخشوع وهذا هو الفقه المسمى " التصوف " والتصوف لا يخرج مطلقاً عن حدود الشرع الشريف فتلبسه بالشرع الحنيف كتلبس الروح بالجسد ،ومع ابتعاد الناس عن الحالة الأولى للسلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ظهر هذا العلم منضبطاً بقواعد واصطلاحات ومناهج شأنه شأن باقي العلوم ، كما أن الفقه والحديث لم تكن لها ضوابط وقواعد مكتوبة ومدونة ومرتبة بالشكل الذي نعرفه اليوم ، كعلم أصول الفقه ، مصطلح الحديث .
وفي تلك المرحلة الحاسمة قام
علماء وأجلاء يدفعهم حب الله والإخلاص لدين الله جل جلاله قاموا فوضعوا قواعد الفقه والحديث وغيرها من العلوم الدينية ، كذلك التصوف في الصدر الأول كان معروفاً معاشاً ولما غاب ذوقه عن البعض فقام العلماء فوضعوا وضبطوا أصوله وطريقته .. ولكي لا يتلاعب به كل من هب ودب من المنتحلين والمدعين والمغرضين كان هذا العلم لا يؤخذ إلا عمّن كان مجازاً بهذا العلم الموصول بإجازات إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . يقول الإمام القشيري رحمه الله متحدثاً عن نشأة التصوف وحقيقته :
" أعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية سوى صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام إذ لا أفضلية فوقها ، فقيل لهم الصحابة ، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب ، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين – الزهاد – والعباد ، ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ادعوا أن فيهم زهاداً ، فانفرد خواص أهل السنّة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى ، الحافظون قلوبهم
عن طوارق الغفلة باسم التصوف ، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المأتين من الهجرة " .




 توقيع :

سيدي الشّيخ
إسماعيل الهادفي
قدّس الله سره العزيز

رد مع اقتباس