الموضوع: المدد
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-15-2015, 05:10 AM
المدير العام
غير متواجد
Egypt     Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Nov 2015
 المشاركات : 14,456 [ + ]
 التقييم : 147
 معدل التقييم : الشيخ طاووس اسطوره الاساطير تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
Post المدد



المدد

المدد

ما أكثر ما سمع الناس في أعمارهم من وعظ، وما أكثر ما وعظ الواعظون وأمروا بمعروف أو نهوا عن منكر؛ لكن الأحوال تخبر بغير ما كان يؤمل، وتجعل العاقل يتوقف ليسأل: أين الخلل؟

لا يخفى عن ذي لب أن التربية مراتب؛ وأن لكل مرتبة مستلزمات، بها تتحقق غاياتها. وإن شئنا أن نذكرها على سبيل الإجمال والاختصار، فإنها تكون:

1. التربية بالقال: وهذه تكون عامة، وهي الشائعة في زماننا. وقد تتعدى هذه التربية مجرد التلقين، إلى تعليم سلوك طريق التفكير. وأغلب الناس يظنون أن هذا هو أقصى ما يمكن من التربية؛ في مقابل الشطر المتعلق بالمتلقي نفسه، والذي يرجع إلى كونه قادرا على العمل وفق ما علم، أم غير قادر. وقد تُفهم القدرة، على أنها الرغبة لا غير؛ فتجد المخالف للحق من هذا المنطلق، لا يُعذر من قِبل غيره، ويُحمَّل وزر أعماله كاملة.

2. التربية بالحال: وهذه تكون من الرجال العاملين بعلمهم، الذين لا يكتفون بالكلام؛ وإنما العمل عندهم هو المعتبر، من حيث الظاهر ومن حيث الباطن. وهذا العمل يثمر لهم حالا، يكون داعيا لغيرهم إلى الاقتداء بهم. ويجد الناس بمخالطتهم القوة على سلوك الصراط المستقيم، التي تعوزهم عند انفرادهم عنهم.

3. التربية بالمدد: وهذه أعلى أنواع التربية؛ لأنها لا تكتفي بتنبيه المتلقي إلى العمل، وإنما تعطيه القوة على العمل. فيجد من نفسه، ما يعلم يقينا أنه لم يكن لديه. فيسلك الطريق في يسر وعلى هدى، حتى ليتعجب مَن ينظر إليه من المرتبتين السابقتين مِن حاله. وهذا النوع من التربية، هو الأصل فيها؛ الذي بعث الله به النبيين إلى أقوامهم.

والمدد في زماننا، لا يكون إلا لوارث نبوي، فيكون مظهرا من مظاهر مرتبة «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِم،...»[رواه البخاري عن معاوية رضي الله عنه]. فالمدد من عطاء الله، والقسمة تأتي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، أو تأتي على يد وارثه. ومن يُنكر التربية بالمدد، فإنما يُنكر عطاء الله؛ ومن يظن أن التربية النبوية قد انحصرت في جيل الصحابة، فقد حكم بانقطاع عطاء الله؛ ومن لم يطلب هذا المدد في زمنه، من حيث ينبغي أن يُطلب، فقد حرم نفسه فضل الله.

وأما من يعد التصديق بهذا من الشرك، ويزعم أنه على خالص التوحيد، بحسب ما يعطيه إدراكه العليل، فإنا نقول له: فأنت كنت أول مشرك عند التقامك ثدي أمك، تطلب ما يقويك من غذاء؛ وما زلت منذ ذلك الوقت مصرا على الشرك، في كل سبب تباشره لنيل كل ما يُنسب إلى الله من عطاء.

أم بلغ الأمر بأمتنا، أن صارت من شدة الظمإ تنكر وجود الماء؟!...






رد مع اقتباس