عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-15-2015, 05:02 AM
المدير العام
غير متواجد
Egypt     Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Nov 2015
 المشاركات : 14,456 [ + ]
 التقييم : 147
 معدل التقييم : الشيخ طاووس اسطوره الاساطير تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
Post القلب المظلم و القلب المضيء



المعلم, المضيء, القلب

القلب المظلم و القلب المضيء

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

اعلم أيّها المؤمن العاشق الصادق الذائق أنّ خزانة العلوم واسطوانة الفهوم هي القلب فهو جامع الصفات الجمالية والحلل المرضية فما نجح من نجح إلاّ بسبب صلاح قلوبهم كما ورد في الحديث الشريف ( إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب )

وبما أنّ الأمّة الإسلامية اليوم مصابة في قلوبها أحببت أن أذكر لهم طرفا من شؤون القلب علّهم يفقهون كما قال تعالى بخصوص القلوب ( لهم قلوب لا يفقهون بها )

فاعلم أيّها الصوفي المبجّل أنّ القلب هو أساس ومحور الإيمان فهو الصراط المستقيم الذي توعّد إبليس لعنه الله تعالى بالقعود فيه في قوله ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) فهو واضع منخره على قلب الإنسان يوسوس متى غفل القلب عن ذكر الله تعالى كما قال تعالى ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ) ثمّ وصف غيرهم من قساة القلوب في هذا الباب فقال تعالى ( وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) وقال تعالى ذاكرا علاقة ذكر الله تعالى بالقلوب : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللًّهِ الا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )

فمتى علمت أهميّة القلب علمت أنّ مدار الإيمان عليه لذا اشتغل أهل الله تعالى عليه تزكية من تخلية وتحلية لأنّه أساس الدين والطريق


فذكر الله تعالى هو بداية السير لصلاح هذا القلب وتنويره وعلمه وفقهه وبصره وسمعه فإنّ جميع الحواس الباطنة المعنوية موقوفة على صلاح القلب فإذا صلح اشتغلت تلك الحواس وإذا فسد فسدت معه تلك الحواس وانعدم صلاحها فلا حياة لها ولا عمل إلاّ أعمال الشرّ

فتعلّق البصر بحقيقة القلب قال تعالى ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) فلو لا عمى قلوبهم لأبصروه ولكنّه عليه الصلاة والسلام رآهم فأبصرهم وهم في حالة لا يبصرون فاخترقت بصيرته إلى بواطنهم فرآهم بقلبه أنّهم لا يبصرون لهذا قال تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن أتّبعني .. ألآية )

وبما أنّ للقلب بصرا ثاقبا وهو البصيرة التي ترى ما خفي من أحوال الناس من حيث الصلاح والطلاح والإيمان والكفر والحسن والقبح فإنّ له كذلك سمعا يسمع به وقد قال تعالى فيمن لا يسمع بقلبه ( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ) أي لا يسمع الهدى غير القلب فمن لا قلب له فلا هدى له وكذلك له يد يحسن بها ويبطش وله رجل يمشي بها فتخترق السبع الطباق فما مشى أحد من قاف إلى قاف إلاّ بسرعة مشي القلب ثمّ إنّ له عقلا يفقه كما قال تعالى في قوم ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) وقال تعالى ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )


فالأمّة اليوم مصابة في قلوبها لا تسمع ولا ترى ولا تفقه بقلوبها كما قال عليه الصلاة والسلام في قوم ( يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم )

فقد بلغنا أنّ رسول الله عليه الصلاة والسلام شقّ الملكان صدره وأخرجا قلبه عند مرضعته حليمة السعدية فغسلاه وأخرجا منه حظّ الشيطان لهذا صلح لنزول القرآن عليه كما قال تعالى ( نزّله على قلبك ) فإنّ جميع الأنوار والأحوال والمقامات والعلوم والمعارف لا تنزل إلاّ على القلب فهو بابها أمّا العقول فهي متى عرفت معاني القلب وتنوّرت بنوره رجعت في حكمها إليه ولا بدّ كما قال عليه الصلاة والسلام في جماعة ( لقد كنت لبعثهم كاره ) لمّا قتلوا أصحابه بعد أن أرسلهم إلى من سألوه ذلك كي يعلّمونهم الإسلام فغدروا بهم وقتلوهم فرجع إلى حكم قلبه عليه الصلاة والسلام في ذلك وهكذا جميع العارفين رضي الله عنهم لا يرجعون إلاّ إلى حكم قلوبهم بداية ثمّ يقفون على واقع حكمها نهاية

وإنّ آلة الكشف القلبي فحدّث عنها ولا حرج فهي العين الباصرة الحقيقية ونعني بها الفراسة وأمر زائد عليها فهي درجات فليس كشف العارفين ككشف غيرهم ولا فراستهم كفراسة غيرهم كفي حكاية الإمامين أحمد بن حنبل والشافعي رضي الله عنها في ذلك الرجل الذي تفرّس فيه أحدهما على أنّه كان يمتهن نجارا فيما تفرّس فيه الثاني على أنّه حداد فلمّا سألاه قال : كنت نجارا وأنا الآن حداد أو العكس صحيح

أما وظيفة القلوب الحقيقية فهي القرب من المحبوب الأعظم سبحانه وتعالى فلا شغف لها إلاّ بقربه ودوام وصلته والتذلّل تحت عرش رحمته فلو عرض عليها الكون ما التفتت إليه فإنّ مرادها من يريدها خالصة له

فما افترقت الأمّة اليوم وتفرّقت إلا بسبب افتراق وتفرّق قلوبها بعد تشتّتها رغم أنّ الدين لا يستقيم إلاّ بالتآلف أمّا الإختلاف والفرقة فهي سبب الهزيمة والنكسة هكذا سنّة الله تعالى في كونه فأين قلوب الأمّة اليوم التي يصدق فيها قول الله تعالى ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى )

فالقلب هو رأس مال كلّ مؤمن ...

وكلّما تبجّحوا بالعالم الغربي أقول لهم : نعم ولكن لا قلوب لهم فليس لهم نور في قلوبهم ولا وصله بالله تعالى

فيا من تتبجّح بأوروبا وأمريكا والغرب هل أخبرك بشيء : إنّهم خلاصة أهل النار والسبب : لا قلوب لديهم... إن هم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا ...

فافرح بما آتاك الله تعالى من قلب فيه المعاني الجميلة وأوّلها الإيمان بالله تعالى واجب الوجود سبحانه واشتغل من الآن على قلبك كي تراه يرى ويبصر ويسمع فتذوق عندها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر


أمّا الغافلون فعن قريب هم ذاهبون أفلا تسمعون .. فالصعق الظاهري هذا كلا شيء أمام الصعق الباطني عندما تكاشف الروح يوم القيامة عند النفخ بهول المطلع فأين الأجساد عند النفخ وقد أكلها التراب بل الصعق الحقيق هو صعق الروح لما يتبيّن لها من عظمة الله تعالى سبحانه وتعالى عما يشركون

فاشتغل من الآن على قلبك وإلاّ فلا تتكلّم في دين الله تعالى فتقول غير الحقّ ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم ) فهناك تظهر القلوب لا تخفى منها خافية فيصبح الظاهر باطنا والباطن ظاهرا ولا باطن ولا ظاهر بل الكلّ سواسية ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقتاكم أوّل مرّة ) فيقول القائل كيف ذكرنا في المجيء بالجمع وفي الأخير بالفرد هذا كي تعلم أنّ تكليفك أنت في مفرد فرد ولا تزر وازرة وزر أخرى كي تفهم معنى قوله تعالى ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه )

فاشتغل على قلبك ودعك من هذا وذاك ودعك من سفسفاط العقل والفكر فهي غول مفترس كبير فمن نسي قلبه فلا عقل له فلو كان له عقل لكان له قلب ...

وإنّ للقلب لحضرات وأحوال ومقامات موجودة في القرآن الكريم بأبلغ بيان

فإنّ رأس مالكم احبتي هو القلب فها انا قد نصحتكم

والسلام






رد مع اقتباس